كتب فاروق أبو سراج الذهب
ني لأستحي من الله تعالى أن يراني مبتسماً والمسلمون محاصرون بالفرنج)
"نور الدين محمود بن عماد الدين الزنكي"

(هذا معبر داخل دولة الاحتلال؟.. مسيطرة عليه بالكامل؟!.. هو في أراضي دولة أخرى؟!!.. من حقها أن تعرف ما يدخل منه، هل داخل أسلحة، هل داخل ذخائر، هل داخل مواد ممنوعة.. هل داخل.. هل داخل؟!!!.. و هذا حال كل المعابر الأخرى، و إسألوا... ..؟؟!!!!!..)
"رئيس عربي من عصر التخاذل"






يقول المؤرخون ان التاريخ يبقى يدور في فلك "الأشخاص" العباقرة لا في فلك "الأفكار الصحيحة"، وكيف اذا كانت "العباقرة" يدورون في فلك "الأفكار الصحيحة"، فعند ذلك تحدث المعجزة كما حدثت عند تحرير بيت المقدس.
من أمثال من قال ابن الأثير في بيان فضله: "قد طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومنا هذا، فلم أر بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين، ولا أكثر تحرياً للعدل والإنصاف منه، قد قصر ليله ونهاره على عدل ينشره، وجهاد يتجهز له، ومظلمة يزيلها، وعبادة يقوم بها، وإحسان يوليه، وإنعام يسديه".
و أما أولئك المتخاذلون العجزة فيا ليتهم اكتفوا بحفظ ماء الوجوه – إن لا زال بها ماء – و لجؤوا لما لجأ إليه آخر الخلفاء العثمانيين، السلطان عبد الحميد الثاني - رحمه الله - و الذي أثبته في رسالة كان قد وجهها بعد خلعه إلى شيخه الشاذلي محمود أبي الشامات، و التي مما قال فيها، ما يلي :" (إنكم لو دفعتم ملء الأرض ذهبا - فضلا عن 150 مائة وخمسين مليون ليرة إنجليزية ذهبًا فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي، لقد خدمت الملة الإسلامية والمحمدية ما يزيد عن ثلاثين سنة فلم أسود صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين، لهذا لن أقبل تكليفكم بوجه قطعي أيضا). وبعد جوابي القطعي اتفقوا على خلعي، وأبلغوني أنهم سيبعدونني إلى (سلانيك) فقبلت بهذا التكليف الأخير. هذا وحمدت المولى وأحمده أنني لم أقبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الإسلامي بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدسة فلسطين… وقد كان بعد ذلك ما كان، ولذا فإنني أكرر الحمد والثناء على الله المتعال، وأعتقد أن ما عرضته كاف في هذا الموضوع الهام، وبه أختم رسالتي هذه"**..
العيون الدامعة :
ارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ حلوةٌ ودود، وأخذت تراقب بعينيها المشرقتين صغارها العشرة – ذكوراً وإناثاً - ما بين جالسٍ متأمِّلٍ ولاعبٍ مبتهج، وهي تكاد تحتويهم في مقلتيها حناناً وحباً، ثم قالت: «نعم المرأة الفلسطينية أعلى امرأة في العالم في معدلات الإنجاب..».. صمتت وغامت عيناها ببريق شموخ وسموّ، ثم قالت بلهجتها الفلسطينية الحميمة: «شو بدنا نعمل.. خمسة لـ إلنا.. وخمسة لـ ألله..»!
تذكرتُ هذا الموقف في أيام الدم (المسكوب) التي نعيشها هذه الأيام، نازفة من جرح عزيز على قلوبنا متجذرٍ في عزتنا، بقعة صغيرة على ضفاف البحر المتوسط لا تتجاوز مساحتها (370) كلم مربع، أي ما يعادل ثلث مساحة مدينة الرياض، لكنها أكثر المناطق في العالم ازدحاماً بالسكان نظراً لارتفاع معدلات الإنجاب, لأن الهدف حياة شعب، وتكثير سواد، ومواجهة عدوّ واستعادة حق.
ثم تذكرت صورة أخرى، هي مئات الجثث المتناثرة لشبان في عمر الربيع، بعد أن كملت قوتهم واشتدت أعوادهم، وعقدت عليهم الآمال في الدفاع عن الحمى، وتخليص الأرض، وتسطير المجد، وإذا قذائف العدو الصاخبة تنهال عليهم، فتجعلهم أثراً بعد عين، وذكرى بعد أمل..!
يا الله..! ما أشد فاجعة أهليهم بهم، وما أعظم مصيبة قومهم، وما أعمق جرح وطنهم!
لكن عفوكم، من قال إن المقاييس هنا واحدة؟! في غزة.. كل شيء مختلف..!
في غزة نفوس نُحتت من صبر وصمود وإباء، لا يزيدها المصاب إلاّ قوة وشجاعة، وانظر إلى الأم الرؤوم الحنون الُمحبَّة – ويا له من حب! – قد استقبلت الخبر بقوة جأش ويقين قلب، وبالبسمات والزغاريد، بل بتوزيع الحلوى والعصائر على جموع المهنئين, لأن ذلك اليوم هو يوم زفاف وليدها إلى حور العزة، وجنات الكرامة، ووعد النصر..!
نعم.. «خمسة لـ إلنا.. وخمسة لـ ألله..»!
لقد علمتِنا أن ما زال في النفوس المسلمة رصيد هائل من الصمود والتضحية في زمن الهوان، ومن الصبر والإباء في زمن الركوع والمسكنة، وما زال فينا من يؤمن بالقدس وحق العودة وطرد المحتل، مهما كثرت المفاوضات مع ناقضي العهود، والمحادثات مع الخائنين الكاذبين، والمبادرات مع القتلة المجرمين!
لقد علمتنا أن ما زال في المسلمين والعرب اعتماد وقوة، عندما يضيق الحصار وينقطع الوقود وتجفّ السنابل، فنرى العقل يشحذ ذكاءه، والنفس تستمطر أفكارها، وتطير الصور المدهشة إلى العرب: «انظروا كيف يعيش أهل غزة في الحصار، باختراعات ذاتية، بدءاً من موقد الطين وحتى الصاروخ والسلاح..»!!
في مدرسة غزة تعلمنا أن الدنيا بخير، وأن ثمة قوماً تعلو اهتماماتهم وتسمو هممهم صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، بينما اهتمام سوادٍ من رجالنا بالدينار والدرهم، ومن نسائنا بالحقيبة والحذاء، ومن شبابنا بالكرة وخصلات الشَّعر..!
وفي مدرسة غزة تعلمنا أن وحدة المسلمين والعرب حقيقة، واجتماع الأمة واقع، مهما قال قائل التخذيل: «اتفق العرب على ألاّ يتفقوا»، فغزة وحدتنا شعوباً، من جاكرتا إلى نواكشوط، ومن اسطنبول إلى عدن..! وعسى أن يكون لهذه الوحدة أثر وقوة، والتحام ونصر..!
العيون الواعية :
لقد نجحت إسرائيل عبر أكثر من نصف قرن أن ترد سلاحنا ضدها إلى صدورنا.. نجحت إسرائيل عبر أكثر من نصف قرن أن تعبئ تحالفات القوى الكبرى معها وضدنا نحن أصحاب الحق.
نجحت إسرائيل عبر أكثر من نصف قرن أن تفكك صفوفنا وتماسكنا في مواجهتها وتحوله إلى صراعات بينية عربية – عربية، ثم عربية إسلامية، ناهيك عن الفلسطينية - الفلسطينية، حول ما يسمى سبل المواجهة أو سبل التسوية.
ومع ذلك، فما زالت المقاومة مستمرة، وما مشهد الصمود في غزة إلا علامة مضيئة في الصراع العربي الإسرائيلي.
إن استرجاع شريط ممتد من أحداث ووقائع إدارة الحرب وإدارة المفاوضات يبين لنا أنماطًا متكررة تاريخية -لها جذور ممتدة في النصف الأول من القرن العشرين أيضًا- وهي الأنماط التالية:
(1) نمط غلبة قوة المعتدي المادية.
(2) نمط تداعي أعداء الأمة الإسلامية وتحالف مشروعاتهم الصهيونية والإمبريالية على محاولات تجديد قوة الأمة العربية والإسلامية.
(3) نمط تفاقم تأثير الصراعات العربية – العربية والعربية الإسلامية حول عواقب خيار المقاومة في مقابل مزايا فوائد التفاوض والتسوية السلمية.
كل ذلك في وقت تزايدت فيه الأدلة والدلائل على أن التفاوض الذي تقبله إسرائيل وأمريكا ليس وسيلة ولكنه غاية في حد ذاته؛ حيث يتحول إلى مظلة لكسب الوقت واستنزاف التنازلات المستمرة والمتراكمة، واستكمال توطيد المشروع الصهيوني على الأرض.
ولذا لم يكن أمام أصحاب القضية المؤمنين بحقهم والمنطلقين من مرجعية وطنية إسلامية إلا الاستمرار في المقاومة والجهاد، ورفض كل تسوية من شأنها تصفية القضية، وتحقيق هدف إسرائيل من وراء التفاوض.
هكذا يجب أن نقرأ مشهد غزة الآن بعد ثلاثة أسابيع من تعرضها للحرب المفتوحة، وهكذا يجب أن نستدعي الخطابات المتقابلة للأطراف المعنية الإسرائيلية والفلسطينية والعربية، الرسمية والشعبية، والعالمية أيضًا.
يجب أيضًا أن نقرأ هذا المشهد ليس بعيون دامعة على المأساة الإنسانية فقط ولكن أيضًا بعيون واعية لذاكرة وتطورات مأساة حق شعب في تقرير مصيره، وتحرير أرضه، والعودة إلى وطنه وتأسيس دولته.
إن المراقب والمتابع بدقة للخطابات المتقابلة خلال الثلاث اسابيع المنصرم، ومنذ بداية العدوان المفتوح على غزة، يجد فجوة شاسعة واستقطابا حادا على صعيد تناول عدة أمور، وعلى نحو تقفز معه حقائق مزيفة ومشوهة، وعلى نحو تتناسى معه حقائق أخرى؛ مما يستلزم الوقوف عند مجمل خريطتها، ومناقشة مبرراتها وحججها.
لكن بعض الكتاب العرب للاسف الشديد تفننوا في تضليل الرأي العام العربي فيقول احدهم : (ومقابل ماذا يحشرون شعبهم المشلول في حبسٍ مأساويٍ، حبسٍ اسمه غزة، ويستمرون في إطلاق صواريخ لا تفعل أكثر من حفرٍ صغيرةٍ في أرصفة تل أبيب.. ثم يغضبون عندما تهرشهم إسرائيل القبيحة، بتلك البشاعة، وتجعل بيوت المدنيين ركاماً مختلطاً بعظامهم، بل يطلقون ألسنتهم بالسباب واتهام العرب والمسلمين جميعاً بالتواطؤ والخذلان والخيانات، ولا يتذكرون وسط كل هذا من إساءتهم لشعبهم ومقامرتهم به شيئاً )!!
[عبدالله ثابت، جريدة الوطن، العدد: 3015، 3/1/1430هـ] ،ويقول آخر Sadجرّب العرب الحروب فلم تزدهم إلا خبالاً وخساراً، وجرّبوا المقاومة المسلّحة فلم تزدهم إلا رهقاً وتشتتاً وضياعاً ... "حماس" تنطلق من رؤية جماعة الإخوان المسلمين التي تريد الوصول إلى السلطة بأي ثمنٍ والمحافظة عليها بأي سعرٍ، حتى لو كان الثمن دماء الفلسطينيين ودمار غزّة، وأن يخربوا بيوت الفلسطينيين ... إنّ جرح فلسطين الغائر لن يحلّه الغوغائيون، ولن ينقذه المتاجرون به، بل حلُّه يكمن في العقل والحكمة والسياسة الواعية المنضبطة، بعيداً عن الشعارات والهتافات الفارغة التي تضرّ أكثر مما تنفع).
[عبدلله بن بجاد، صحيفة الاتحاد الإماراتية 1/1/1430هـ] ،ويتهكم عربيد آخر فيقول Sadقليل من الألعاب النارية، التي قتلت من الغزاويين أكثر مما قتلت من الإسرائيليين، وتهجم إسرائيل، وينسى الجميع البرنامج النووي الإيراني، وهذا هو كل ما تريده إيران، كما «القاعدة» وكل المنظمات المتطرفة التي لم تحظ بدولة).
[تركي الحمد، الشرق الأوسط، 3/1/1430هـ]
عبارات – وإن حاولَتْ عبثاً أن تجعل بين يديها مقدمات تضامنية مع الشعب المحاصر – لا تنتهي إلا إلى خذلان غزةَ وأهلها، لتكون ( قصفاً ) آخر فوق القصفِ الذي تتعرضُ له! ولاسيما عند يقول أحدهم إن المقاومة تحرشت بإسرائيل بلا سبب!! بلاسبب!! هكذا !! لم تفعل إسرائيل شيئاً تستحق به أن يوقف في وجهها!!
وفي حين نجدُ كتاباً غربيين بل يهود ( روبرت فيسك، وماري فويس، وكاسيلرز مثالاً ) يشنّون حملةً شعواء على إسرائيل ووحشيتها وهمجيتها ويصرحون بأنَّ للمقاومة حقَّها المشروع يشنّ إخواننا هؤلاء – غفر الله لهم – حرباً شرسةً على المقاومة الفلسطينية! وتتبنى هذه الأطروحات في مجملها ثلاث أفكارٍ رئيسةٍ :
الفكرة الأولى: أنَّ صواريخ المقاومة و(ألاعيبها) القتالية هي السبب المباشر فيما حدث لغزّةَ، وبالتالي فهي شريكة (للجزار) في جريمة (الذبح)، بل هي التي وضعت الشاةَ بين يدي الجزار وأمسكتها بعنف ليتسنى له الذبح كما يريد!
الفكرة الثانية: أنّ المقاومة الفلسطينية الإسلامية إنّما تسعى إلى السلطة من جهة، وتحقيق أجندة خارجية من جهة أخرى، وكل ذلك على حساب الفلسطينيين المساكين، متاجِرةً بدمائهم، غير عابئة بأرواحهم!
الفكرة الثالثة: أنَّ المقاومة الفلسطينية لا تشكر جميلاً، ولا تحفظُ معروفاً، وأنّها تستلم تبرعاتِ الدولِ بيد وترجمهم بحجارة التخوين باليد الأخرى!
وانا هنا معنياً بمناقشةِ الفكرةِ الأولى فحسب؛ لأنّه من العبثِ أن يصدق عاقل أن أولئك المقاتلين الذين حملوا أرواحهم على أكفّهم، واصطفوا في طوابير الشهادةِ منذ عشرات السنين هم طلاب سلطة! نحن نفهم أن يكون الفارُّون من المعتركِ، والذين يعيشون في الرفاهيةِ يجنون الملايين، والذين يكتفون بالتصريحات وهم آمنون، نفهم أن يكون أولئك طلاب سلطة.. لكنْ كيف يكون طالبَ سلطةٍ من يشرع صدره للموتِ، ويطلبُ الشهادة بابتسام؟ وكيف يكونُ طَلاّبَ سلطةٍ من لم تُغيِّر السلطةُ شيئاً من أحواله المادية والاجتماعية؟
كيف للمقاومة أن تكون باحثةً عن سلطةٍ وكل قياداتها تقريباً نالت الشهادةَ أو تعرضت لمحاولة اغتيال؟
ثم كيف تكون ( متفرّسةً ) ذات أجندة إيرانية (فارسية) وهي التي جاءت بطوعها إلى صلح مكةَ تلك الخطوة التي أغضبت إيران غضباً شديداً لأنّها أعطت للسعودية شرف السبق؟
لنبدأ نقاشنا من هذه المقارنة التاريخية بين ماحدث قبل اثنتين وأربعين سنة ومايحدث الآن.
في حرب حزيران 67 تمكّنت إسرائيلُ من تدمير كامل سلاح الجو الأردني ، ومعظمِ السلاح الجويّ السوريّ ، وعددٍ كبيرٍ من طائراتِ الجيش العراقي!! واستولت على منابع النفط في سيناء !! وسيطرت إسرائيل على منابع مياه الأردن!! وتحكمتْ في خليج العقبة!! واكتشف العربُ أنّهم خسروا – في خمسة أيام فقط - عشرة آلاف شهيد وجريح ، وخمسة آلاف أسير ، وأنّه قد شُرّد نحو 330 ألف فلسطيني !! وأنَّ إسرائيل قد احتلت أراضي من خمس دول عربية هي: مصر (شبه جزيرة سيناء وغزة)، وسوريا (هضبة الجولان)، ولبنان (مزارع شبعا)، والأردن (الضفة الغربية والغور)، والسعودية (جزيرتا تيران وصنافير على مدخل خليج العقبة) .. واكتشفوا أيضاً أنّ ما احتلته إسرائيل في تلك الحرب ضاعف مساحتها ثلاث مراتٍ!! [ انظر : فلسطين دراسات منهجية : 304 ] و[الاستراتيجيات العسكرية : 315 ] .
لم تكن إسرائيل وقتها في مواجهةِ الفلسطينيين وحدهم بل واجهت العرب جميعاً..
العرب الذين كانوا يمتلكون قرابة ألفين وثلاثمئة دبابة مقابل ألف دبابة إسرائيلية!
العرب الذين كانوا يمتلكون قرابة ستمئة طائرة بإزاء مئة وسبعٍ وتسعين طائرةً إسرائيلية!
العرب الذين كان تعداد مقاتليهم ثلاثمئة وثلاثين ألفاً بإزاء مئتين وخمسين ألفاً من الإسرائليين!
ومع تفوق ميزان القوى لصالح العرب كان ما كان .. وشهد الخامس من حزيران يونيو 1967م أقصر حرب في التاريخ .. حرب لم تدم أكثر من خمسةِ أيام ضاع فيها كل شيء!!
انتهت المقاومة .. وانكسرت الجيوش .. واستسلم الجميع !!! وبقيت الجولان وسيناء وشبعا محتلةً حتى الآن أو في حكم المحتلة!!
ها نحنُ في اليوم العشرين من أيام حرب غزةَ الغاشمة..
الحربُ التي بدأت بغتةً بعد تطميناتٍ (عربية) للفلسطينيين بألا شبحَ حربٍ يلوح في الأفق!!
الحرب التي اختارت إسرائيل لبدايتها توقيت الذروة ( الحادية عشر والنصف صباحاً ) ليزداد عدد الضحايا.
الحرب التي ألقت وتلقي فيها إسرائيل بثقلها العسكري أطناناً من القذائف على بقعةٍ صغيرة لاتتجاوز مساحتها 300 كلم مربع.
الحرب التي لم تتصد لها إلا المقاومة الفلسطينية دون أن يكون لها عون عسكريٌّ من أيِّ جهةٍ خارجية.
الحربُ التي كانت فيها الأنظمة العربية عوناً على الفلسطينيين بإغلاق المعابر، وكبح المسيرات، والتباطؤ في عقد القمة، والتراخي في اتخاذ قرارات شجاعةٍ مؤثرةٍ.
الحرب التي كان فيها بعض الفلسطينيين عوناً على إخوانهم حتى إنهم لم يجدوا شيئاً يقولونه سوى التصريح بأنهم ( جاهزون ) لملء الفراغ السياسي الذي سيحصل في غزة بعد العدوان!!!
الحرب التي لعبتْ فيها الآلة الإعلامية لعبتها القذرة فجعلت الضحيةَ مجرماً وشغلت الناس بصواريخ المقاومة عن أطنان قذائف الأباتشي!!ومع كل هذه الوقائع والحقائق .. إلا أنَّ صواريخ المقاومة مازالت تنطلق! بل إنها بلغت حيث لم تبلغ من قبل!! وأصابت أكبر قاعدةٍ جوية إسرائيلية!! وبدأ اليهود يختبئون في الملاجئ!!وما إن بدأ الاجتياح البريّ حتى حصدتْ المقاومةُ أرواح عشرات الجنود الإسرائيليين!!
إنَّ يهودياً واحداً داخل إسرائيل لم يصب بالفزع عقيب حرب سبعة وستين .. وهانحن نرى في حرب غزة مليون إسرائيلي في دائرة الخوف ، يدخلون إلى الملاجئ ، ويعطلون دراستهم ، ويبكون !!
إنّ ( حجر ) المقاومة ، و(مقلاع) المقاومة، (وبندقية) المقاومة، و(صاروخ) المقاومة .. هو ما أحدث هذا البون الشاسع.