الشرعيه!! كلمة الشرعيه تتردد كثيرا منذ ما يقارب السنتين ، وتستخدم فلسطينيا من طرف حركة فتح في مواجهة حركة حماس في صراعهما على قيادة الشعب الفلسطيني بمنهجين متناقضين. كلمة الشرعيه تدلل على التغطية ومنح المشروعية للقيادة واتخاذ القرارات المصيرية والقدرة على التمثيل في المحافل الدولية ، اضافة الى التفويض في المفاوضات وعقد المعاهدات ...الخ. تعتبر حركة فتح المسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية انها تملك الشرعية القانونية لتمثيل الشعب الفلسطيني لكونها تسيطر على منظمة التحرير بالرغم من هزيمتها الكبيرة في الانتخابات التشريعية في العام2006م ، فمنظمة التحرير الفلسطينية تعتبر هي الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين من النظام الرسمي العربي ومن اغلب دول العالم . اعتبرت منظمة التحرير ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني من هذه الاطراف ليس حبا بها وبالشعب الفلسطيني ولكن تمهيدا لتطويعها وجعلها جزءا من النظام الرسمي العربي حتى يتم تدجينها بما تحويه من قوى مقاومة ، وصولا الى تصفية القضية الفلسطينية في النهاية ، وهذا ما يبرر الرفض الرسمي من تلك الاطراف لادخال اي قوى فاعلة مقاومة ورافضة لمشاريع تصفية القضية للمنظمة، وترفض هذه الاطراف اي اصلاح وتفعيل لاطر هذه المنظمة. عودا الى الشرعيه ، فقد اعتبرت الشرعية او التمثيل نتاجا للانتخابات في اغلب دول العالم ، وشكلت الانتخابات الفلسطينية ونتائجها فيما بعد نتاجا لاتفاق الفصائل الفلسطينية على ان يتوازى مع هذه الانتخابات اصلاح كافة المحافل التمثيلية للشعب الفلسطيني بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية والتي يجب ان يتم التمثيل فيها بناءا على نتائج الانتخابات التشريعيه الفلسطينية في حال تعذر اجراء انتخابات في المراكز الرئيسية لتجمع الفلسطينيين وخاصة فيما يعرف بدول الطوق. ليس سرا ان النتائج المذهلة التي حصلت عليها حماس ، جعلت الاطراف الممسكة بهذه المؤسسات اضافة الى الاطراف الاقليمية والدولية ترفض هذه النتائج اضافة الى منع تمدد تأثيراتها وتنفيذ بنود ما تم الاتفاق عليه ، واغلاق ابواب منظمة التحرير فورا امام القوة الجديدة المتمثلة بحماس. جرى ما جرى، وحدث ما حدث في غزة والضفة ، وبدأت فتح بمناكفة حماس بسلاح الشرعية المستمد من منظمة التحرير، في حينه جرت مناظرة بين عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المستقيل شفيق الحوت وحسين الشيخ مسؤول ملف الشؤون المدنية في السلطة على قناة المنار اللبنانية ، قال حينها حسين الشيخ ان حماس اغتصبت الشرعية وانقلبت على الرئيس والمنظمة، فرد عليه شفيق الحوت(ان حركة فتح هي اكبر مغتصب للشرعيه الفلسطينية)، واتبع ذلك مفصلا ان حركة فتح منذ ان دخلت منظمة التحرير سعت لتهميش القوى الاخرى ، وحرصت على ان تجعل دورها ديكورا فقط وهمشت واقصت كل القوى الفاعلة من ان تلعب اي دور مركزي في صنع القرار الفلسطيني، كما ان حركة فتح سعت الى تهميش اي حراك ديمقراطي تمثيلي حقيقي في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، وان المجلس الوطني اصبح مجلسا هلاميا لا يعرف عدد اعضاءه اضافة الى ان اللجنة التنفيذية للمنظمة غير شرعية التمثيل لكونها فاقدة النصاب والشرعيه بناءا على اللوائح الداخلية للمنظمة ، واعتبر ان استدعاء اللجنة التنفيذية والمجلسين الوطني والمركزي لا يتم الا في اطار طلبات محددة يتم الموافقة عليها ممن دعي من الاعضاء من هذين المجلسين الفاقدين للشرعية حسب القانون الذي انشئا على اساسه، هذا ما قاله عضو اللجنة التنفيذية السابق وممثل منظمة التحرير السابق في لبنان شفيق الحوت. تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية حاضنة لحركة فتح اضافة لفصائل اخرى اغلبها يحسب على اليسار الفلسطيني، وشكلت نتائج الانتخابات التشريعية صدمة لهذه القوى مجتمعه، فلم تحصل حركة فتح الا على نسبة متواضعه من المقاعد النيابية ، اضافة الى ان القوى الاخرى المنضوية تحت لواء المنظمة لم تحصل الا على اقل من 2% من اصوات الناخبين الفلسطينيين، فأي شرعية تملكها هذه الاطراف في حين ان نتائج الانتخابات ابرزت حجمها في الشارع الفلسطيني؟!. قبل ايام صرح وزير الاعلام في حكومة سلام فياض المعينة رياض المالكي، ان الاجهزة الامنية التابعة لحكومته في الضفة الغربية(نظفت) مدن الضفة من حماس وانها تستعد الان للقضاء عليها في مدينة الخليل آخر معاقلها؟!، ثم اضاف، (اننا بعد ذلك لن نفوز فقط في الانتخابات على حماس بل سنكتسحها؟!). تصريحه هذا يحمل دلالات عديدة تحتاج للتحليل :- طبعا هذا الشخص كان قياديا في الجبهة الشعبية ويعتبر الان من جماعة سلام فياض الذي لم يحصل الا على مقعدين في الانتخابات التشريعية. استعمل تعبيرات تعكس مدى حقده على حماس ورغبته في استئصالها ونفيها عن ساحة الفعل السياسي الفلسطيني بحس انقلابي استئصالي من من يمثل الاقلية تجاه من فاز بالاغلبية. تحدث بلغة( سنكتسح) ، وهنا ينصب نفسه متحدثا باسم حركة فتح، واكاد اجزم انه لا يتخيل ابدا ان كتلة الطريق الثالث التابعة لسلام فياض ستكتسح الانتخابات القادمة هذا ان اجريت ، وبالتالي فهو يتحدث باسم فتح ،وتصريحه هذا يعكس ثقة كبية في قدرة المجموعه التي ينتمي اليها في تسلق وامتطاء حركة فتح واختطاف مراكز صنع القرار فيها وتجيير كافة امكانياتها لصالح المشروع السياسي الذي يمثلها المالكي ومن يمالئه. الغريب ان رياض المالكي وهو سياسي مخضرم ، يتحدث عن القضاء على اكبر حزب سياسي على الساحة فاز قبل وقت قصير باغلبية ساحقة ، ويؤكد ان عملا امنيا دؤوبا متواصلا يتم من اجل القضاء واستئصال هذا الحزب ، ثم يعلن في تناقض غريب وفي نفس المؤتمر الصحفي ان من يمثلهم سيفوزون على هذا الحزب الملاحق المشرد امنيا واعلاميا وسياسيا من كل الاطراف التي تدعم المالكي، ثم يعلن انه سيكتسحه في الانتخابات؟! هذا يذكر بقابيل وهابيل ، فبعد ان يقتل قابيل هابيل ويرشح نفسه في الانتخابات لوحده ، من سيفوز بها؟!، فاذا كانت حماس ممنوعة من العمل السياسي وملاحقه على كل الاصعدة فمن هم الذين سينافسهم من يتحدث باسمهم المالكي، بالتأكيد عندما تكون فتح هي المرشح الوحيد في الانتخابات فستكتسحها!!. تترافق تصريحات المالكي مع حملة ترويجية كبيرة لاستطلاعات رأي تبرز ان اي انتخابات قادمة ستفرز فوزا ساحقا لحركة فتح على حركة حماس، وتذكر هذه الحملة لمراكز الاستطلاع بالحملة التي جرت قبل الانتخابات التشريعية السابقة والتي كانت تبرز نفس النتائج تقريبا؟!. لفت نظري في هذه الحملة الاعلامية بدءا من المالكي الى استطلاعات الرأي ، ان هناك من يجرؤ على ان يقول انه سينتخب حماس وبمثل هذه النسبة( الاستطلاع يتم بالاتصال الهاتفي مع ان المتصل به لا يعرف من يتصل به)،فقد يكون المتصل ضابط مخابرات وليس باحثا في مركز استطلاع رأي، وان المجيب على السائل انه سينتخب حماس قد يدفع ثمن ذلك اما اعتقالا او تضييقا او منعا من التوظيف او السفر او غير ذلك من الممنوعات عن من يؤيد حماس، فعندما يعلن مثلا 25% انهم سينتخبون حماس في ظل الحملة الاستئصالية التي افتخر بها المالكي في مؤتمره الصحفي ، فكم من الناس سينتخب حماس خلف الستار عندما يكون بعيدا عن سيف الاستهداف الامني والاغراء الوظيفي المالي ؟، بالتأكيد لحركة فتح تجربة من الانتخابات السابقة وتعلم ما الذي سيجري. بعيدا عن شرعية المنظمة ومؤسساتها منتهية الصلاحية او الانتخابات التشريعية وما جرى بها، فمن المهم التذكير ان حركة فتح في بداية عهدها لم تكن تنضوي تحت لواء منظمة التحرير ، ولم تحظ منظمة التحرير بالاهتمام الا بعد ان اخذت زخمها من حركة فتح حاملة البندقية في ذلك الوقت ، فحركة فتح اكتسبت شرعيتها وشعبيتها من حملها للبندقية ومقاومتها للاحتلال ومن مطالبتها بحقوق الشعب الفلسطيني كل حقوقه في تلك الفترة ، وليس من منظمة التحرير ولا من الانظمة العربية ولا من ما يعرف بالمجتمع الدولي ،بل بالعكس فقد اكتسبت المنظمة شرعيتها من دخول بندقية المقاومة فيها ، ولم تخسر حركة فتح شعبيتها وشرعيتها الجماهيرية وتخسر الانتخابات الا بعد أن اعترفت باسرائيل وبدأت بالتنازل عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وتساوقت مع الانظمة الرسمية العربية والقوى الاستعمارية الغربية واوقفت المقاومة وحاربت حاملي لوائها. فلم تفز حركة فتح باي انتخابات حينهاولا بعدها بسنوات، وكانت الانتخابات التي تتم في مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية في السبعينات وبداية الثمانينات يفوز بها اليسار الفلسطيني ، لان حركة فتح حينها كانت تتعرض لاستهداف كبير كالذي تتعرض له حماس الان. اما حركة حماس فقد اكتسبت شرعيتها جماهيريا وشعبيا من دفاعها المستميت عن ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني ،وتضحيات قادتها الكبار فضلا عن التضحيات الجسيمة التي قدمتها على مستوى العناصر والمؤسسات على اختلافها، اضافة للصمود في وجه ابشع حصار مالي وجغرافي وسياسي واقتصادي عرفه التاريخ، ولكنها استمرت في مشروعها المدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني كل حقوقه ، هذه التضحيات منحت حماس الشرعية الشعبية والتاريخية وحملتها راية المقاومة والممانعه ووقف الانزلاق في مزاد التنازل عن ثوابت الشعب والامة. فلسطينيا،فان اي شرعية يكتسبها اي حزب او منظمة او حركة فلسطينية تمر فقط من خلال التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنه ومقاومه جزاريه ، وليس بالتساوق مع مشاريع تصفية قضيته ووجوده في هذه الارض ، كما ان الشرعيه لا تستمد من ما يسمى المجتمع الدولي ولا من الانظمة الرسمية العربية ولا من شرعية (السيف والمال) التي يتحدث بلسانها رياض المالكي، فالشرعية فقط هي شرعية البندقية المقاومة ولا شرعية لا لمن اسقط البندقية المقاومة ولا لمن يحاربها. | |
ع/ش/الحوار الفلسطينى. |